أكدت مصادر متطابقة، أن عمال وإطارات الملبنة العمومية «نوميديا» الكائنة بحي «بومرزوق» في قسنطينة، يعيشون هذه الأيام حالة ترقب غير مسبوق، بسبب قضية اختفاء غامض لعدد من سجلات الحسابات والفواتير ووصول الطلبيات، إثر تنفيذ عملية سطو ليلي من طرف مجهول أو مجهولين عقب التسلل إلى المصلحة المختصة، من دون ترك أي أثر إلى غاية اكتشاف الأمر في اليومين الماضيين.
وهي العملية التي أثارت الشبهة من حولها، خصوصا وأن أيادي اللصوص لم تطل أغراضا ثمينة أو تجهيزات الملبنة التي تغطي احتياجات عاصمة الشرق بعشرات الآلاف من أكياس الحليب يوميا، بل استهدفت فقط سجلات الحسابات وفواتير الموردين، الأمر الذي يجزم بأن الحادثة لها علاقة مباشرة بأحد «بارونات» المضاربة واحتكار مادة الحليب واسعة الاستهلاك وما تدّره من أموال طائلة، وما تثيره أيضا من نشوب احتجاجات وعراكات ساخنة أمام المتاجر والأسواق الشعبية بسبب ندرتها وتذبذب توزيعها، وكذا عدم استقرار أسعارها التي تقفز إلى أكثر من 35 دينارا في عدة مناسبات، لذا فإنه من غير المستبعد أن يكون الهدف وراء العملية مسح آثار تعاملات بعض الموردين للتستر عن تعاملات مشبوهة وكل ما له صلة بالإخلال بنظام الحصص أو طمس أثر حجم التعاملات والتلاعب في الأرقام من أجل التهرّب الضريبي، وهي المعطيات التي تحقق من أجلها مصالح الشرطة المختصة إقليميا، عقب تلقيها شكوى رسمية من طرف مدير الملبنة كإجراء رسمي تمّ اتخاذه من أجل تحديد المسؤوليات بعد الوصول إلى الجهة المتورطة في القضية، خصوصا وأن فرضية تواطؤ أشخاص من داخل أسوار المؤسسة تبقى الأقرب إلى الحقيقة، التي قد تؤكدها أو تنفيها التحريات الأمنية.
ومن أجل معرفة تفاصيل إضافية حول ظروف وملابسات الحادثة وطبيعة الوثائق المختفية وقيمة التعاملات التي تم محو آثارها، تنقلت «النهار» إلى مقر المؤسسة لملاقاة مديرها، فتم توجيهنا إلى المدير بالنيابة الذي رفض الإدلاء بأي تصريح لعدم تمتعه بصلاحية الإجابة عن أسئلتنا حول القضية التي أعلمناه بجزء منها، موضحا بأن الرد من صلاحيات المدير الذي يلتحق بمكتبه في اليوم الموالي، أي أمس الأربعاء، لتمنحنا السيكرتيرة رقم هاتف ثابت من أجل الاتصال بالمدير، لكن الهاتف بقي يرن من دون الرد على المكالمات المتتالية.