من بين المشاكلِ سهلةِ الانتشار، صعبة التفكيكِ والحل، مشكلةُ الإساءة في المعاملة للأطفال، هذه الفئة العمرية الحساسة التي تمتد حتى سن الثامنة عشر، إضافةً إلى النتائجٍ الوخيمةِ التي تنتج عن الإهمال في حل هذه المشكلة، على صعيد الفردِ ذاته وعائلته بشكلٍ خاص، والمجتمع والدولة بشكلٍ عام. وحتى يتم التوصّل إلى حلول هذه القضية، والعمل على تقليصِها بشكلٍ كبير ومُرضٍ، فإنه يتوجب علينا تحديد عدة جوانب، منها عمر هذا الطفل، ونوع الإساءة التي يتعرض لها، وطبيعة المحيط الذي يعيش فيه هذا الطفل، والأمل المنشود من الرعاية به، ولقد تبين أنه لا جهة من جهات تنشأة الطفل هي الطرف الوحيد في توجيه الإساءة له، ولكن في العادة تكون من داخل البيت، وإذا تحدثنا عن الطفل الرضيعِ كمثالٍ لذلك، نجد أن مواجه والديه لظروف صعبةٍ، في العادة ما تكون مالية، هي إحدى الأسباب في ذلك، إضافة إلى صعوبة تفهّم حاجة الوليد وعدم معرفة تسيير أموره، وقد يكون تعرض الوالدين للإساءة وهم صغار، أدى إلى عقدة دفعتهم لتكرار هذه التجربةِ القاسية، وفي بعض الحالات فإن بعض الأمهات والآباء ينشغلون عن الطفل ببعض السلوكيات، منها الإدمان وتعاطي المحظورات وبعض أنواع الإساءة، تبقى راسخة في ذهن الطفل لفترةٍ ممتدة من الحياة، ولأنها مرحلة متوسّطة من طفولته، فهو إن تغلب عليها، فقد تخطى كارثة كبيرة، وإن لم يُكتَب له تخطيها وقع فيها وأصبح عرضةً لأفظع النتائج، بما في ذلك من أضرار صحيةٍ جسيمة ونفسية عميقة، حيث يُسلب الطفل حريّته، ويتم حصره في المسؤولية وهموم الحياةِ التي هي أكبرَ من أبويه.
قد يتعرّض الأطفال في بعض المناطق ذاتِ التخلف الحضاري والسلوكي وربما الديني، إلى ظاهرةِ الاعتداء والتحرش واستنزاف الصّغار في أعمال وحشية، يبقى أثرها في الطفل لمرحلةٍ ممتدة طويلةٍ من حياته، قد لا يستطيع النهوض بنفسِه بعدها، لذلك فإن بعض المهتمين بعنصر الطفولة يدعون دائما إلى زياراتٍ طبيةٍ وتوعويةٍ لأهلهم، وتوجيههم للحفاظ على هذه الفئة، ونشر الثقافة في المجتمع وتوفير الحصانةِ الكافية، ومحاكمةِ كل من يعرضهم للأذى ويلحق بهم التعذيب والضرر، والدعوة لزيادةِ الاهتمام بهم، وطرحِ العديد من البرامجِ الفاعلةِ لتنميتِهم والمطالبةِ بحقوقِهم المنتهَكة.
@ أم اسلام/ المسيلة