كشف الديوان الوطني للإحصائيات الشهر الحالي عن أرقام جديدة تخص البطالة وسط الطبقة النشطة في الجزائر حتى شهر أفريل 2017 . أرقام إذا جمعت مع بيانات أخيرة عن البطالة تؤكد توقعات الخبراء التي نشرت قبل ثلاث سنوات عندما كانت أزمة النفط في دول أوبك في مرحلتها الأولى أي في مرحلة صعوبات الموازنة قبل أن تنتقل الى مرحلة الصعوبات المالية . مرحلة الصعوبات المالية هي نفسها المرحلة التي تسبق مرحلة الصعوبات الاقتصادية أو الأزمة الاقتصادية وتعرفها حالة معينة من المؤشرات ذات الطابع الكلي أبرزها التضخم والبطالة ، وعندما يتوقع الخبراء دخول الاقتصاد مرحلة الصعوبات فذلك يعني تطور كل من الأسعار والبطالة في اتجاه واحد يعاكس أثر نظرية ( فليبس ) في التوازن . اتجاه .stagflationتصاعدي نحو حالة الـ هذه الحالة هي حالة اقتصادية أكثر تعقيدا من حالتي التضخم والبطالة وتستدعي مقاربة خاصة في معالجة التوازن نسميها تحليل اللاتوازن حيث يبدو السوقان ( السلع والعمل ) في حالة لاتوازن متقدم مع افتراض حيادية السوق النقدية . تحليل المعطيات لا تكفي الأرقام وحدها في منظومة التفكير المبني على اليقظة الاستراتيجية دون تحليل للمعطيات يسمح لواضعي السياسات بتلمس الاتجاه في الماضي ومن ثمة الأثر في المستقبل . وبالفعل ، وفي خلال سنة واحدة من أفريل 2016 الى أفريل 2017 تطور مؤشر البطالة حسب الأرقام الرسمية بشكل متسارع من 9.9 بالمائة الى 10.5 الى 12.3 بالمائة ، ويعني ذلك أن حجم مجتمع العاطلين عن العمل في الجزائر انتقل في ظرف سنة واحدة من 1.2 مليون الى 1.5 مليون بزيادة قدرها 300 ألف نسمة منها 160 ألف يد عاملة جديدة و الباقي عمالة مسرحة وبالتالي تبلغ نسبة الزيادة في مجتمع العاطلين عن العمل 25 بالمائة في سنة واحدة ، وهي نسبة قياسية وتفرض على واضعي السياسات الاقتصادية في البلاد مزيدا من اليقظة لاستباق الوضع القادم بعد سنوات من الآن . مشكلة اسمها البطالة تراجعت البطالة في ألمانيا الى عتبة 3 بالمائة بعد سنوات من الركود الاقتصادي وصلت فيها نسبة النمو السنوي الى الواحد بالمائة ولم تحدث معدلات البطالة العالية في هذا البلد أية مشكلة على صعيد التوازنات الكبرى للاقتصاد لأنها تفاقمت في ظل معدلات تضخم ضعيفة ومتحكم فيها عند عتبة 2 بالمائة وذلك بفضل السياسات النقدية الرشيدة والاستباقية في حين تبدي السياسة النقدية في الجزائر تأخرا ملموسا عند التدخل غالبا ما يفقدها أثر الفعالية كما حدث مع الاجراءات الأخيرة لبنك الجزائر في موضوعي خسارة الصرف والاحتياطي الالزامي للبنوك التجارية ( من 12 بالمائة الى 8 بالمائة الى 4 بالمائة بدءا من أول أمس الثلاثاء ) . كان يمكن للسلطات النقدية في البلاد استشراف السوق النقدية بالنظر الى تطور سوقي السلع والعمل وتطور السياسات غير النقدية ( الحقيقية ) في الاقتصاد الوطني قبل حصول تعثر المعاملات لدى المستثمرين في الحالة الأولى أو شح السيولة في الحالة الثانية . عدم نجاعة وفعالية السياسة النقدية هو ما يحفز الأسعار على الصعود في اقتصاد سائل أكثر من نصف رقم أعماله يجري في السوق الموازية ولا يمكن استدراك الوضع بأثر رجعي والمطلوب .Tatonnementسياسة جديدة تطبيق على الأسواق في حالة ( لا توازن ) نسميها الـ مشكلة اسمها التضخم وكما اقتربت أرقام البطالة من خانة الحذر ، أفاد الديوان الوطني للاحصاء ارتفاع وتيرة التضخم على أساسي سنوي في فيفري 2017 الى مستوى 7 بالمائة في تتبع واضح لنفس .Stagflationاتجاه البطالة ما يؤكد فرضية الاتجاه نحو وضعية الـ وبقراءة بسيطة للأرقام ومنذ جانفي 2014 تاريخ بداية أزمة هبوط النفط أخذت الأسعارعند الاستهلاك - وهي المتغير الأهم في قياس التضخم - في التطور بشكل لافت وسريع من 2.7 بالمائة في جانفي 2014 الى 3.4 بالمائة في نوفمبر 2015 الى 4.8 بالمائة في أفريل 2016 الى 6.2 بالمائة في نوفمبر 2016 الى 7 بالمائة في فيفري 2017 . ومعنى ذلك أنه وفي غضون ثلاث سنوات ( 2014 – 2017 ) تحول التضخم في الاقتصاد الوطني من سعر مرجعي صحيح في موازنة الدولة الى سعر يقترب من الضعف فوق التوقعات في قانون مالية 2017 الذي اعتمد على سعر مرجعي للتضخم عند 4 بالمائة . وهكذا تبدو اللوحة القادمة للاقتصاد الوطني أكثر وضوحا وربما تكون قد تجاوزت مرحلة التوقع والاستشراف التي كانت قبل ثلاث سنوات الى حالة ( اليقين ) بحيث لم تعد البطالة في الجزائر مشكلة موسمية و مقبولة ولا التضخم أيضا مشكلة موسمية ومقبولة لأن الاتجاه المتزامن والسريع لهذين المؤشرين يخفي حالة من اللاتوازن الهيكلي لا تفيد فيه الاجراءات التصحيحية وإنما السياسات المبنية على ضبط الاقتصاد على نحو جديد أي على نحو التخطيط عن بعد واليقظة وصناعة السياسات للمستقبل . Messaitfa.bachir@gmail.com