” في الفوز احتفل ، لكن شارك الجميع فرحتك ، الفوز مغناطيس يسحب ويعدي وينتقل والنجاح كلما تقاسمناه ازداد ونمى وتضاعف ” هشام موفق مداد
قبل ثلاث سنوات ، ركبت حافلة متوجهة من بئر مراد رايس نحو رويسو بقلب الجزائر العاصمة ، ركب بالقرب مني مجموعة من الشباب لا يتجاوز سنهم العشرين ، الظاهر أنهم من محبي أحد النوادي الجزائرية ، حديثهم اقتصر على ” ابن الجنرال ” حارس مرمى نادي اتحاد الجزائر محمد الأمين زماموش ، طبعا استرقت السمع بمجرد سماعي اسم ” زيما ” ، وتفاجأت في البداية من تلك التفاصيل التي كانت تسردها المجموعة حول عدد من اللاعبين ، وتأثرهم بهم ، ولكن ما أثار انتباهي و حيرتي في نفس الوقت أن ” زماموش هو ابن جنرال ” إذا على حسب كلامهم فأنا شقيقة ابن الجنرال ؟ ، صدقوني ضحكت كثيرا من كل قلبي ، وطبعا راح أحدهم يعدد كل ما يملك شقيقي بتفاصيل لافتة وكأنني سأكتشفه لأول مرة .
نعم محمد الأمين هو ابن ” الجنرال ” رشيد زماموش بن محمد الطاهر ابن محمد الأمين ابن لخضر ابن يونس من عرش بني يدر بين منطقتي الشمال القسنطيني ومنطقة الأوراس ، ولكن والدي رحمه الله الذي توفي قبل 26 سنة لم يحظ بقيادة في حياته ، لا كتيبة ولا ناحية عسكرية ، ولا وطأت رجله حتى ثكنة عسكرية ، لكن جاءته القيادة وتدرج في المراتب كهدايا من السماء ، كيف لا وسبق له أن كان قائدا في الكشافة الإسلامية بولاية ميلة .
نعم محمد لمين هو ابن ” الجنرال ” كيف لا وهذا الأخير تجارته الأولى والأخيرة كانت ” خدمة الأيتام ” ومن تصاريف القدر و” اللهم لا راد لقضاءك ” ، توفي ” الجنرال ” وترك أيتام كثر ، ومن بينهم محمد الأمين الذي كان سنه وقتذاك ثلاث سنوات ونصف كما حمل الرقم ثمانية في تعداد أسرة تضم تسعة أولاد.
نعم محمد لمين هو ابن ” الجنرال ” ، كيف لا وهذا الأخير يهوى صناعة الزلابية وباعها في شهر رمضان فقط ، لقد كان مولعا بصيادة السمك وماهر في صناعة حلويات الأطفال .
نعم محمد الأمين ابن ” الجنرال ” ، كيف لا ووالده رحمه الله علمه قيمة العمل منذ الصغر ” أن تعمل يعني تحفظ كرامتك ” ، حيث باع الخبز في الأرصفة واشتغل يوميا بعد أوقات الدراسة لتأمين مصروف الجيب .
نعم محمد الأمين ابن ” الجنرال ” الذي ترك العائلة ومدينته ميلة وهو لم يتجاوز سن ال 15 ، لينجح في مسابقة وطنية لدخول الثانوية الرياضية بدرارية بالجزائر العاصمة ، واضطر للمبيت في بيت غير مكتمل البناء لدى مقاول ” فعل فيه الخير ” حتى يتمكن من الوصول في موعد المسابقة الفنية والتقنية التي أجريت في ملعب الخامس جويلية .
نعم محمد الأمين ابن ” الجنرال ” الذي اضطر لارتداء ألبسة قديمة مستعملة من ” الفري بري ” ، ليواصل دراساته بالثانوية مع زملاء من أبناء عائلات من مختلف المستويات تفوقه بكثير.
نعم محمد الأمين ابن ” الجنرال ” الذي اضطرته الظروف لقضاء أوقات طويلة في المساجد في عز بداية الصيف لمراجعة دروسه قبل اجتياز امتحان الباكالوريا قبل وبعد التدريبات اليومية حيث كان وقتها الحارس الثالث في نادي اتحاد العاصمة وتمكن من نيل الشهادة ( 2005) .
نعم محمد الأمين ابن ” الجنرال ” حيث علمته ظروف العيش في العاصمة بعيدا عن العائلة ، أن يمشي لساعة ونصف للوصول إلى ملعب بولوغين بباب الوادي ، كطريقة لاقتصاد مصروف حافلة النقل العمومي من جهة وتقوية لعضلات الأرجل من جهة ثانية .
نعم محمد الأمين ابن ” الجنرال ” الذي تم إقصاءه في كذا من مرة من حمل الألوان الوطنية ، ضمن كتيبة ” الخضر ” ، لكنه حمل الكثير من جينات والد لا يتذكر ملامحه، كيف لا و لمين يحمل اليوم شارة ” قائد النادي ” ، فقط لأنه آمن بأن كل هدف بدأ بحلم ، مرادفه الاستيقاظ باكرا والاجتهاد والعمل المستمر لتحسين المستوى والآداء ، وما قابله من تضحيات اجتماعية لا حصر لها ، عملته الصعبة مقاسمة الفرحة مع الجميع ، وكل ما سبق لا يحتاج إلى أن يقف وراءه ” جنرال ” .
التدوينة زماموش ابن الجنرال ظهرت أولاً على الجزائر 24.