باريكاد منذ ستة سنوات انطلقت الشرارة الأولى لما سمي بالربيع العربي في تونس على إثر حادثة انتحار شاب بائع جوال في تونس بعد آن أهانته شرطية أمام الملأ لتتحول هذه الشرارة إلى حريق امتدت نيرانه إلى مختلف شعوب المنطقة العربية في مصر وسوريا وليبيا واليمن، وتحول الأمل في انبثاق ديموقراطية عربية إلى شبه خيبة بعد أن تمكنت الثورة المضادة من إخماد الحريق العربي الذي كان سيأتي على الأنظمة التسلطية وأثارت الرعب في نفوس باقي العرب الذي شاهدوا بأم أعينهم المآسي التي بات يعيشها العرب الثائرين من انزلاقهم في حروب أهلية ترتب عنها غد لا يبشر بخير هو أقرب الى العقاب الذي شملهم وتسلط كالسيف على رؤوسهم مما جعل الكثير منهم يندمون على أيام رؤسائهم المستبدين الذين رحلوا التي كانوا ينعمون فيها بالأمان برغم الاذعان والذل والمهانة، وسعت أنظمة الثورات المضاد من خلال الترويج لما حدث للشعوب المنتفضة لأن تمرر رسالتها بشكل جلي وواضح لكل من كانت تسول له نفسه بالتمرد ، وبدا واضحا أن معظم الدول التي تعرضت لمثل هذه الموجات الغاضبة كانت في السابق تنتمي إلى ما يمكن تسميته بالشرق الأوسط القديم باستثناء تونس، بينما ظلت دول الخليج تعيش في أمان واريحية حتى وإن راح المراقبون يؤسرون أن الموجة الثانية من الحراك العربي ستكون انطلاقتها لا محالة من دول الخليج العربي وعلى الخصوص دولة السعودية التي كانت تعيش تذمرا وتوترا داخليين عميقين قد يجدان طريقهما إلى البروز ما أن تحين الفرصة وتنضج الطروف، لكن بدل أن تتحقق مثل هذه النبوءة فاجأ الأمير محمد بن سلمان ليس المحللين والسياسيين فقط ، بل حلفاء وخصوم المملكة لما قام بثورته من داخل القصر على أهله وأقربائه من الأمراء والوزراء واضعا إياهم في الحجز وذلك تحت يافطة ثورة سماها بالمعركة ضد الفساد، فهل استبدل الحكام ثورة شعوبهم واستبقوها بسلبها من شعوبهم لأن يقومون بها هم أنفسهم بدل شعوبهم ومجتمعاتهم وبذلك يكونون قد قطعوا الطريق أمام أي محاولة لاستبدال حكمهم بحكم الشعب، ويكونون بذلك قد اختاروا كتابة استثنائية للتاريخ، تاريخ جديد يكتبه الحكام من ملوك وأمراء ورؤساء متسلطين بدل كتابة التاريخ الجديد على أيدي الشعوب؟! أم إن ما يحدث لن يستطيع من قطع الطريق أمام الموجة الثانية للحراك وما يحدث في السعودية ما هو إلا مؤشر على ذلك وليس العكس..