صادق نواب الأمة الأحد الأخير بالموافقة على مشروع قانون المالية للعام 2018، واللافت في بند الايرادات هو عودة التراجع في نسبة الجباية العادية الى اجمالي الايرادات الى مستوى 56.7 بالمائة من مستوى 61 بالمائة العام 2017 وذلك لصالح الجباية النفطية التي ارتفعت نسبتها من 39 بالمائة الى 43 بالمائة . مؤشر يدعو للتأمل لأنه يشير الى وضعية يجب تصحيحها فيما له علاقة بتماسك الاقتصاد الوطني في المستقبل واعتماد البلاد على موارد مالية أكثر استقرارا. رهان الجباية المحلية وفي الوقت الذي كان مفضلا أن تبدأ موازنة الدولة في التحرر تدريجيا من الارتباط بعائدات النفط كما حدث مع مراجعة توقعات السعر المرجعي في مشروع القانون من 55 دولار للبرميل الى 50 دولار، يبدو أن عملية الرفع من قدرة الجباية المحلية لم تبدأ بعد في الظهور على سلم إشارات الموازنة ، وربما يعود سبب ذلك الى عودة أسعار النفط للاستقرار فوق عتبة الـ 50 دولار خلال فترة إعداد مشروع قانون مالية 2018 ، كما قد يعود السبب الى بطئ استجابة الولايات والبلديات الى رهان الجباية المحلية باعتباره الحل الأمثل للتوازن المالي للدولة للمدى البعيد. حقيقة ، لا يمكن الحديث عن توازن مالي مستديم للدولة دون جباية محلية مبنية على فائض الثروة بما لا يعيق مبدأ التراكم الرأسمالي للمؤسسات – التي عادة ما تشكو من تأثير الضغط الضريبي عى نمو رأس المال - أو يكرس قاعدة الضغط الجبائي وهو ما يتطلب رؤية متجددة للجباية على أساس الابتكار والخدمة بدل التقليد والعبئ. مجالس استشارية محلية يمكن للسلطات المخولة إدراج مبدأ الاستشارات المالية والجبائية في قانون البلديات الجديد لتمكين السلطات المحلية من اقتناص فرص الخبرة في إدارة الأصول المحلية سواء بتوسيع الوعاء الخاضع للجباية أو تعديل النسب محليا حسب قاعدة ( لا مركزية ) السياسات الجبائية. والموضوع لا يستحق كبير اجتهاد طالما تحولت فكرة ( لامركزية ) التنمية المحلية الى حل فني من حلول النمو ببلادنا وفي الخطاب الرسمي أيضا. وستمكن هذه الفكرة - سواء بطريق المجالس الاستشارية أو عقود الاستشارة لدى رؤساء المجالس البلدية – السلطات المحلية من إدماج المعرفة في عمل المؤسسات المنتخبة ما يعني خطوة متقدمة أخرى الى الأمام ويساعد السلطات المركزية على فك الارتباط تدريجيا بالجباية النفطية المهددة هي الأخرى بالتراجع في أية لحظة من لحظات السوق. وزارة منتدبة للجباية كما ستمكن نفس الفكرة السلطات المالية للدولة من تحسين التحصيل الجبائي على المستوى المحلي عن طريق التخلص من الضغط الجبائي الذي يصنف الجزائر ضمن أعلى المستويات عالميا ، وهو نفسه الضغط الذي يبرر التهرب الضريبي حيث أن ضغط الضريبة يقتل الضريبة في جميع الدول . و يمكن للسلطات في سبيل الرفع من نسبة التحصيل للمدى البعيد وتحقيق اليقظة الجبائية المطلوبة إطلاق وزارة منتدبة للجباية وظيفتها تحقيق الابتكار الجبائي وتحيين السياسات المالية للدولة للمدى البعيد دون الحاجة الى التصحيحات المتعاقبة والتي تكون متناقضة في بعض الأحيان مع نماذج النمو المتبعة . بات التفكير المالي على سلم الاستراتيجية والتخطيط الاستراتيجي مفتاحا رائعا وفعالا لاستدامة النمو ولكن يظل التكوين في موضوعات التنمية المحلية موضوعا ملحا بين يدي ممثلي الشعب في المجالس الولائية والبلدية المنتخبة في انتظار التحول الى ( مهنية ) التمثيل الشعبي في ظرف تاريخي للبلاد يتسم بإشارات التحول وأهداف الصعود آفاق العام 2030.