ازدواجية المواقف .. في الاستوديوهات مفكرون وفي الميدان إرهابيون
إن المتتبّع لمضمون الشريط الوثائقي “إرهابي تحت الطلب” الذي بث قبل أيام على قناة الشروق، يقف عاجزا أمام الازدواجية التي تمارسها قناة الشروق في تعاملها مع حركة النهضة التونسية، فمن جهة تفتح القناة أبوابها لقادة حركة النهضة للوطن في مختلف المواضيع، ومن جهة أخرى تتهم القناة نفس القادة بالإسهام في تغذية الإرهاب في ليبيا .
ولعل خير مثال على ذلك هو مداومة نائب رئيس مجلس النواب التونسي الرجل الثاني في النهضة، عبد الفتاح مورو على استوديوهات قناة الشروق، الدكتور مورو شارك في حفل استعراض البرامج التي تبث على قناة الشروق، وكانت له مساهمة في حصة الماهر بالقرءان، وحصة يومية شهر رمضان موسومة بـ”لعلكم تتقون” .
مهما كانت الغاية من وراء هذا العمل التلفزيوني، فقناة الشروق كانت في غنى عن بث برنامج يصور أحداثا وينقل شهادات، لا يمكن اختبار صحتها من العكس، قد تعكر صفو علاقة الجزائر بأحد جيرانها أو شركائها، خاصة في ظل غموض الوضع في ليبيا، مع انتشار الميلشيات المسلحة وتصارع مختلف القوى الأجنبية على الأراضي الليبية، مما يجعل أي عمل إعلامي مجازفة بمصداقية السياسة الإعلامية في الجزائر .
وأحرجت معدّة البرنامج ناهد زرواطي السلطات الجزائرية التي تحافظ على علاقاتها مع كل شركائها من الدول العربية، ببث أقوال وتصريحات لشخوص من الصعب إثبات مصداقية ما يقولون، خاصة وان الجزائر تتخذ من مبدأ عدم التدخل في شؤون الغير مرجعية في علاقاتها الدبلوماسية .
فحركة النهضة قد لا تقف صامتة أمام ما اعتبرته تشويها لسمعتها، وتحركها يكون وفق طرق دبلوماسية رسمية مما سيضع السلطات الجزائرية في حرج، خاصة وان رئيس الحركة راشد الغنوشي، يتمسك بعلاقته الوطيدة مع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، الذي استقبله لمرات عديدة في مبنى رئاسة الجمهورية بالمرادية .
هذه وأعربت حركة النهضة التونسية، عن “استنكارها” للخطوة التي أقدمت عليها قناة الشروق لصاحبها علي فضيل، بعد تطرقها لحركة النهضة ضمن برنامج وثائقي يحمل اسم “إرهابي تحت الطلب” من إعداد وتقديم المدير العامة لقناة الشروق، ناهد زرواطي .
وأصدرت النهضة بيانا فندت فيه كل ما جاء في الشريط الوثائقي حولها، وأشارت إلى أن ” النهضة فوجئت ببث برنامج وثائقي يحمل اسم إرهابي تحت الطلب على قناة الشروق الجزائرية يتضمن اتهامات خطيرة باطلة ومجانية، تحشر عن سابق إصرار وتعمد حركة النهضة، التي تعد نموذجا ضمن الأحزاب الديمقراطية العربية، في قضايا تتعلق بتسفير بعض الشباب إلى مناطق القتال” .
واستغربت الحركة “لجوء قناة الشروق إلى ترويج مثل هذا الفيديو الدعائي، الذي انبنى على شهادات معدة سلفا لموقوفين تونسيين بالسجون الليبية، يبدو أنها أخذت منهم تحت التعذيب”، وعبرت عن “أسفها الشديد لإقدام قناة الشروق على بث مادة إعلامية دون مصداقية ومن شانها تشويه حزب تونسي شقيق له علاقات تاريخية جيدة مع الشعب الجزائري الشقيق وقيادته الممثلة في فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة” .
تمسكت المديرة العامة لقناة الشروق ومعدة البرنامج، ناهد زرواطي، بمضمون الشريط الوثائقي، وقالت في رد كتبته على صفحتها بالفايسبوك ” لم أتوقع أن تدافع الحركة وتنتفض ضد كل ما بث في الوثائقي رغم أنه لم يشخصها ولم يتهمها بل اخرج شهادات تحدثت عن قيادات متورطة داخلها وما الرد إلا دفاع عن هؤلاء حسب ما أفهم “.
ودافعت الصحفية عن الشهادات المقدمة، واعتبرتها ” مكتملة الأركان وبالأسماء والأماكن والمعطيات وحتى طرق التسفير”، متوعدة بكشف المزيد من الحقائق على حد تعبيرها، حيث قالت ” وما الجزء الأول إلا نقطة من بحر أجزاء ستحمل الأعظم.. قريبا ” .