ليس من الصّعب على المشاهد الجزائري ملاحظة الكم الهائل من الميوعة والابتذال الذي سقطت فيه القنوات التلفزيونية الجزائرية، في الأيام الأولى من شهر رمضان، هذا الشهر الذي أعدت فيه القنوات العدة لحشد اكبر عدد من الأعمال، وعلى ما يبدو طغى الارتجال على الإتقان، وغلب التهريج على التشويق، في برامج أقل ما يقال عنها أنها “فارغة “، كل ذلك في ظل طغيان الإشهار الذي أضحى الهدف الأسمى على حساب ذوق المشاهدين .
الكاميرا الخفية عنوان للاستفزاز والتعنيفمن البرامج التي أصبحت تثير اشمئزاز المشاهد الجزائري، نجد الكاميرا الخفية، هذه الأخيرة هوت بفن التمثيل إلى أسفل الدرجات، فترى تهجمات واستفزازات صارخة لا تعير أدنى اهتمام لاحترام المشاهد والمواطن على حد سواء، فإما أن تكون ضحية يستهزأ بمشاعرك ويتم تخويفك أو ترويعك، أو أن تكون مشاهدا تصطدم بضحالة المحتوى .
وللكاميرا الخفية هذا العام عناوين عديدة، توحي اغلبها إلى مشاهد مخيفة، على غرار “رد بالك” و ” الحبس” و “رانا حكمناك” و “دار التكسار”، هذه الأعمال نالت الحظ الكبير من الشبكة البرامجية لشهر رمضان، تدور أحداثها على قصص العنف والاستفزاز، ابعد ما تكون عن أجواء الترفيه والتنفيس عن النفس، هذا ما دفع المواطن الجزائري إلى هجرة القنوات بحثا عن أعمال تكون في المستوى .
ترك الغياب الكبير لشلة من وجوه الكوميديا خلال رمضان هذا العام أثرا بالغا على نوعية الأعمال المقدمة، هذا ما جعل البرامج المقدمة تنال سخط الجمهور، المعروف بحسه ومعرفته الدقيقة بجودة الأعمال من عدمها، ورغم مرور 3 أيام فقط من شهر رمضان، إلا أن المشاهد الجزائري عرف هجرة كبيرة إلى القنوات العربية عله يجد ما ينفس به عن نفسه .
خير دليل على ذلك هو التقليد الممل الذي سقطت فيه ثلاث أعمال كوميدية، تعرض في قنوات مختلفة، ففي “بوقرون” الذي تبثه قناة الشروق، يخترع “العبقري” مسعود آلة سفر عبر الزمن، ويذهب إلى الماضي، وفي “عنتر ولد شدّاد” الذي يبث عبر التلفزيون الحكومي، يُتابع عنتر اختراع عبقري آخر يُدعى المدني آلة للسفر عبر الزمن أيضاً، وفي “بيبان دزاير” عبر قناة دزاير تي في، تحضر شخصية تُسافر عبر الزمن بحثاً عن مفاتيح أبواب مدينة الجزائر الخمسة .
لعل ما يلفت الانتباه في الشبكة البرامجية للشهر الفضيل، هو مسلسل الخاوة في جزئه الثاني، حيث ظهر هذا العمل الدرامي بشكل يحفظ ماء وجه القنوات التلفزيونية، أين اجتهد في تقديم عمل تلفزيوني محترف، بعيدا عن الارتجالية والتكلف، من خلال الاعتماد على أسماء فنية عديدة، وكذا سيناريو مثير ومشوق.
إلى هنا يمكن القول أن القنوات الجزائرية حكمت على نفسها بالفشل، فهي تفتقد للإبداع بعد أن ترك مسؤولوها إعداد البرامج الرمضانية لأناس لا علاقة لهم بالتمثيل، فكونك مشهورا لا يعني انك ممثل ناجح، وكونك صحفيا لا يتيح لك إنتاج عمل فكاهي يحضى بإعجاب المشاهدين، فعالم الخفة والفكاهة له مبدعوه، وهؤلاء افتقدناهم في رمضان 2018 .