المؤرخ والدكتور محمد الأمين بلغيث لـ”السلام”:
إعادة جماجم بعض الشهداء غير كافية لرأب صدع بين الجزائر وفرنسا
اعتبر المؤرخ والدكتور محمد الأمين بلغيث، استرجاع الأرشيف الجزائري، معركة كبيرة، لما تحوز فرنسا عليه من خبايا المجتمع والقبائل والطرق الصوفية، وأضاف أن ملفاته تحتوي على عشرات الآلاف من الوثائق المزورة على ألسنة الأسلاف، وتساءل عن الكيفية التي ستعوض فيها باريس عن جرائمها بشأن التفجيرات النووية.
حاورته: م. دلومي
ما مصير ملف قانون تجريم الاستعمار الذي لا يزال لحد الآن حبيس الأدراج؟
برلمان ضعيف جدا حتى لا أقول أكثر من هذا ليس بإمكانه أن يكون على الأقل في مستوى البرلمان الفرنسي، الذي أصدر قانون 23 فيفري الممجد للدولة الاستعمارية.
قالت العرب قديما: ” من اٌستفز ولم يرد فهو جبان” لهذا أين المروءة والشهداء الذين نتغنى بتضحياتهم في مواجهة دولة عنصرية، وحاقدة على الإسلام والمسلمين في هذا الزمن الأغبر؟ . لهذا أرى أن الرجال الذين يستدركون ما فات هم أولئك الذين يستدركون ما فات، لتصحيح وضع عشناه لفترة طويلة نتغنى بصداقة الدولة الفرنسية وكل يوم تشتمنا في وسائل إعلامها، هل يتذكر الجزائريون ما قامت به القنوات الفرنسية من خلال الأفلام الوثائقية، أو التدخل في شؤوننا حين تقوم المؤسسة القضائية بمحاكمة مواطنين جزائريين على أرضها، أعتقد أن الأمر واضح إلا على من أعينهم أصابها حول.
ما تعليقكم على التصريحات الفرنسية، التي أكدت فيها أنه لم يقم أي مسؤول جزائري بطلب استرجاع رفات الشهداء الموجودة بالمتحف الفرنسي، حيث أن الجزائر طلبت رسمياً للمرة الأولى سنة 2018 إعادة الجماجم وسجلات من الأرشيف الاستعماري؟
في الحقيقة لا أعلم الطلب الرسمي للدولة الجزائرية حول هذا الموضوع من طرف المؤسسات السيادية/ وزارة الخارجية، المجاهدين وزارة الشؤون الدينية، ووزارة الثقافة. لكن أعلم أن وزير المجاهدين في عام 2017 استجاب ولو سياسيا للأمر الذي قام به ناشطون ومؤرخون في فرنسا والجزائر، والتي أثمرت على ما عرف الجزائريون في جويلية الماضي، من خلال دفن رفات أو رؤوس المقاومين الأربعة والعشرين، ولكن فرنسا تحوز على أكثر من هذا الرقم بحسب متحف الإنسان بباريس. وفيما يتعلق باسترجاع الأرشيف، فهذه معركة كبيرة لمن يعرف ما تحوز فرنسا عليه من خبايا المجتمع والقبائل والطرق الصوفية، لأن التاريخ يدين الأفراد والجماعات والمؤسسات التي سارت في ركاب الاستعمار، كما تشمل ملفات الأرشيف، عشرات الآلاف من الوثائق المزورة على ألسنة أسلافنا مما يدعوننا إلى التبصر في هذا الموضوع الخطير، وهو كيف نستثمر ونحافظ على هذا الأرشيف حتى ولو احتوى ملفات تدين شخصيات ومؤسسات لا يزال رجالها ونساؤها بيننا.
بعد استرجاع الجزائر لرفات -جماجم- الشهداء، هل هذا الحدث الهام سيمهد الطريق لاسترجاع بقية الأملاك الجزائرية، التي نهبها الاحتلال الفرنسي خلال فترة الاستعمار؟
أعتقد أن هذه الحالة هي قطرة والحقيقة أن ما بيننا وبين فرنسا ملفات عديدة هي ملف المجازر التي كانت حصيلتها إبادة الملايين من الجزائريين من مجزرة البليدة في نوفمبر 1830م إلى آخر الأعمال الهمجية، وهي عمليات القتل الجماعي في المحتشدات أثناء الثورة من بحر بيننا وبين فرنسا، هناك ملف التفجيرات النووية وهي جريمة في حق الإنسان والعمران إلى ملايين السنين، فكيف ستعوض فرنسا جريمتها هذه التي حدثت في رقان وحموديوإينكر ذات يوم في 13 فيفري 1960م.
هل ستتأثر العلاقات بين فرنسا والجزائر بعد استرجاع رفات-جماجم – الشهداء؟
.. لا أعتقد أنا استرجاع رفات أو جماجم بعض شهداء وقادة المقاومة وجهاد الشعب الجزائري، كافية لرأب صدع ما يفرقنا مع الفرنسيين، وهذا كلام ذكرته أنا شخصيا عديد المرات في أكثر من مناسبة.
صحيح للأمانة والتاريخ، أن عيد الاستقلال هذا العام، كان بعبق التاريخ وبلمسة تذكرنا بأمثال الأبطال الذين استرجعنا رؤوسهم المقطوعة من طرف الجيش الفرنسي والعملاء الذين ساروا في ركابه. لكن تبقى هذه اللفتة مناسبة لنتذكر هؤلاء الشهداء الذين قالوا على لسان ديدوش مراد” إذا استشهدنا حافظوا على مبادئنا.”