تستهدف أصحاب دخل شهري يساوي أو يفوق 40 ألف دينار
الخبير الاقتصادي محمد للوشي لـ”السلام”: البنك المركزي حدد 30 ألف دينار كأقل دخل لكن البنوك فضلت عدم المغامرة
استبشر الجزائريون خيرا باعتماد الدولة أخيرا للصيرفة الإسلامية في المعاملات البنكية بعد سنوات من الانتظار، غير أن البشارة لم تكتمل بسبب شرط الدخل الثابت والمنتظم الذي يساوي أو يفوق 40 الف دينار جزائري والذي وضعه البنك الوطني الجزائري كشرط أساسي للراغبين في الحصول على القروض المقترحة.
أكد الكثير من المواطنين في تصريح “لجريدة السلام”، ان اشتراط البنك الوطني الجزائري لدخل ثابت ومنتظم يفوق او يساوي 40 الف دينار جزائري، مقابل الحصول على قروض الصيرفة الإسلامية؛ هو أمر “غير منطقي” بالنظر إلى كونه شرطا تعجيزيا في ظل استفحال طبقتي الدخل الضعيف والمتوسط، وقال هؤلاء أنهم لطالما انتظروا من الدولة اعتماد هذه الصيغة لتجنب القروض الربوية غير أنهم اصطدموا بمجرد الاطلاع على شروط الاستفادة بهذا الشرط الذي قالوا عنه أنه لا يشجع بتاتا على الإقبال، لأنه سيمنع –حسبهم- طبقة عريضة من العمال من التقدم نحو البنوك للاستفادة منه؛ كونهم يتقاضون أقل من ذلك٠
وفي هذا الصدد قال أحد الموظفين وهو السيد “ب. صالح” أنه يرغب في الاستفادة من الصيغة الجديدة من أجل شراء سيارة غير أن أجره الشهري لا يسمح له بذلك لأنه دون 40 الف دينار جزائري؛ وهو نفس الكلام الذي قالته “ق .سعاد” والتي أبدت رغبتها في الحصول على قرض عقاري لشراء مسكن غير أنها بمجرد أن اطلعت على شرط الأجر الشهري تبخر حلمها لان ما تتقاضاه لا يستوفي الشرط .
وأعاب موظفون آخرون استبعاد البنك الوطني الجزائري لفكرة المزج بين الأجرين الشهريين للزوج والزوجة في حالة رغبتهم في الحصول على أحد القروض المقترحة حيث يفرض البنك على الزبون في هذا الصدد أن يكون دخل الزبون المتقدم لوحده يفوق أو يساوي 40 ألف دينار جزائري دون احتساب أجر الشريك .
وفي رده على هذا الإشكال يقول أستاذ التعليم العالي بجامعة البليدة والخبير الاقتصادي”محمد للوشي” في تصريح لجريدة “السلام”، أن قيمة الدخل المشروط والمقدرة بـ 40 ألف دينار جزائري أمرا “منطقيا” ويراعي القدرة الشرائية للمواطن؛ موضحا أنه إن تم تخفيض نسبة القيمة إلى ما دون ذلك سيسبب إحراجا للمستهلك أو الزبون الراغب في الحصول على القرض؛ لأنه سيضطر إلى تسديد ما نسبته 35 بالمائة من قيمة الدخل شهريا وهو أمر قد يحول دون تسديد القروض بالنظر إلى ما يتبقى من قيمة الدخل. ويضيف المتحدث أن البنك المركزي عند إعداده لشروط الاستفادة من القرض الاستهلاكي وضع أقل دخل يمكن الحصول به على القروض ما قيمته 30 الف دينار جزائري وهو الحد الأدنى الذي ينبغي على البنوك مراعاته إن أراد منح القروض بهذه الصيغة؛ غير أن نفس البنك أي البنك المركزي ترك حرية تحديد القيمة للبنوك بشرط أن لا ينزل قيمة الدخل إلى ما دون 30 ألف دينار جزائري.
من جهة أخرى، قال الخبير “للوشي” لجريدة السلام” إن الصيرفة الإسلامية ستنعش النشاط المصرفي للبنوك كون أن فئة كبيرة من الزبائن سواء كانوا مستهلكين عاديين أو مستثمرين ستتقدم للحصول عليها، وذلك على الرغم من غلاء التكلفة وارتفاع حجم المخاطر مقارنة بالقروض التقليدية الربوية، مؤكدا أن اعتماد هذه الصيغة الجديدة لا طالما كانت مطلبا لفئة كبيرة من المواطنين الذين يرفضون فكرة القروض الربوية، غير أن هؤلاء سيصطدمون بارتفاع التكلفة مقارنة بالقروض التقليدية، ما يعني أن القرض بصيغة الصيرفة الإسلامية أغلى من القرض بالصيغة التقليدية، موضحا أن بنوك الصيرفة الإسلامية معرضة للخطر أكثر من البنوك التقليدية، كون ان المعاملات البنكية ستتم على أساس الأرباح وليس الفائدة.
كما أن المصارف الإسلامية ستتقاسم مع الزبون سواء كان “مواطنا عاديا في القرض الاستهلاكي أو مستثمرين في قروض الاستثمار”، المخاطر المحتملة في حالة خسارة المستثمرين مثلا وهو ما يعرض النشاط المصرفي للخطر، غير أن المتحدث عاد وأكد أن الكثير من المواطنين سيفضلون دفع أموال إضافية عند إعادتهم لأموال القرض الحلال بدل اللجوء إلى القروض الربوية .
للإشارة، فان البنك الوطني الجزائري يعد أبرز البنوك التي اعتمدت هذه الصيغة، حيث قام بفتح 59 وكالة موزعة عبر 44 ولاية لتسويق منتوجات الصيرفة الإسلامية أهمها وكالتين في الجزائر العاصمة وهما وكالة الصنوبر البحري إلى جانب وكالة القبة، ويقترح على جميع فئات المجتمع من أفراد ومھنيين ومؤسسات، تسع منتجات مطابقة لتعاليم الشريعة الإسلامية مقسمة إلى فئتين وهي “منتجات الادخار وتوظيف الأموال” و”المنتجات التمويلية”، مؤكدا أن الفئة الأولى تشمل منتجات تتمثل في الحساب الإسلامي للودائع تحت الطلب والحساب الجاري الإسلامي وحساب التوفير الإسلامي للشباب و”القصر” وحساب الاستثمار الإسلامي غير المقيد، وبخصوص المنتجات التمويلية، فإنها تتمثل في المرابحة العقارية والمرابحة للتجھيزات والمرابحة للسيارات وكذا الإجارة، علما أن هذه النماذج من المنتوجات والخدمات مطابقة لتعاليم الشريعة الإسلامية بعد التصديق عليها من طرف هيئة الرقابة الشرعية للبنك -يؤكد المسؤولون–.
طاوس .ز