أكاد أجزم أن الناخب الوطني جمال بلماضي كان سيحزم حقائبه ويرحل لو كان يدرب منتخبا آخر غير الجزائر التي يحبها ويعشقها حتى النخاع.
تصريحاته المثيرة في حق مسؤولي ملعب البليدة ومعهم القائمين على الملاعب والرياضة الجزائرية توحي بذلك لكن بلماضي فضل السكوت هذه المرة وترك الفرصة لللاعبين للتعبير عن امتعاضهم من الحالة الكارثية التي وجدوا عليها ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة بعد أكثر من شهر عن آخر مقابلة لهم أمام جيبوتي وهم الذين كانوا يمنون أنفسهم بأن يجدوه في حالة أفضل.
أكاد أجزم أيضا أن بلماضي لو كان في تجربة أخرى لرحل منذ مدة، بسبب عقليته ودقته وتنظيمه ورغبته الدائمة في أن يتحرك كل شيء بطريقة احترافية تفتقر إليها منظومتنا الكروية .
ما يمنع بلماضي من الرحيل أنه يدرب المنتخب الجزائري منتخب بلاده الذي يحبه، فضلا عن إيمانه الشديد بمشروعه، وتعبه في تكوين مجموعة حقيقية ورائعة من اللاعبين المتأهبين للتحديات القادمة مع أرقام قياسية حققها من حيث توالي النتائج الإيجابية لا يريد سوى مواصلتها.
قد أبالغ عندما أقول أنه ما كان يمكن أن يحدث جراء غضبه الذي دفعه ليسكت هذه المرة وفضل أن يحتفظ به لنفسه على مسؤولي ملعب البليدة والرياضة الجزائرية ككل.
هذه الرياضة الجزائرية التي خرج مسؤولها الأول ليقول لنا أنه تم تغليطه بصور وتقارير مفبركة عن حالة أرضية ملعب “تشاكر” حيث لم يكلف نفسه حتى عناء التنقل أو حتى إرسال أحد مستشاريه للاضطلاع عليها والاطمئنان على حالتها.
ما يجهله هؤلاء عن الرجل أنه إنسان مختلف تماما، عملي ومرتب ودقيق إلى درجة المثالية أحيانًا. أمثال بلماضي موجودون في الجزائر، في كل مكان تقريبا، لكن ما يحدث أن عملهم المتقن المنظم مزعج لمن لا يعمل، يخلط أوراق الكسالى، يفضح الرديئين لأنه يدفعهم للعمل، يفضح عجزهم وضعفهم ومحدوديتهم فضلا أنه يوقظهم من سباتهم العميق.
ما يحدث دائما عندنا وللأسف الشديد هو أن الفاشل هو من يتفوق في النهاية فهم أكثر عددا وتأثيرًا فيتراجع الكفء والموهوب إلى الخلف تاركًا المجال واسعًا للرداءة والرديئين والبيروقراطيين ليفعلوا ما يحلو لهم وليعيثوا في البلاد فسادا.
سليم.ف