الشهر القادم ستبدأ روسيا عملية صيانة لأنبوب السيل الشمالي الأول الذي يربط روسيا بألمانيا وتنخفض كميات الغاز التي تتلقاها ألمانيا من روسيا، وهي أيضا الفترة التي تقوم فيها دول أوروبا بملء خزانات الغاز تحضيرا لفترة الشتاء التي يرتفع فيها الاستهلاك من الغاز الطبيعي.
وزير الاقتصاد الألماني يتكلم على استعمال سياسي للطاقة من طرف روسيا وكأن العقوبات الغربية التي تجاوزت 5000 عقوبة ضد روسيا هي هدايا “بابا نويل”الغربية للشعب الروسي وعليه أن يكون لطيفا مؤدبا معترفا بالجميل ولا يعاقب أوروبا الغربية التي تخطط على مهلها للتخلي عن البترول والغاز الروسيين والمطلوب من بوتين ألا يتحرك وينتظر الأسياد حتى يطبقوا إرادتهم على بلاده.
الاستعمار الغربي تلميذ غبي لا يتعلم الدرس، كلمة خالدة تركها لنا الجنرال جياب الفيتنامي المحارب الشرس الذي أسقط فرنسا في معركة “ديان بيان فو” الشهيرة، وها نحن نرى الغرب عاريا أمامنا كل يوم وحسب آخر المعلومات فإن الرئيس فلاديمير بوتين يحضر لأن يطلب من الغرب الدفع بالذهب مقابل الغاز ومواد أولية أخرى وستتعقد الأمور أكثر لأن الغرب يدفع حوالي 66 مليون دولار شهريا مقابل الطاقة لروسيا تصوّروا الدفع بالذهب عوض الروبل الآن.
نحن نعرف الغرب الاستعماري جيدا ونعرف منطقة الغرب لا يقتل فهو يربي ولا يدمر فهو ينشر الحضارة ولا يستغل فهو يعمل بالشراكة وللأسف أقولها بصراحة التعامل مع روسيا تعاملا استعماريا محضا يفسر إلى حد كبير التعاطف الذي تلقته روسيا في العالم العربي والإسلامي الذي يعاني من الاستعمار والغطرسة الغربية وجاء بوتين ليؤدبهم جملة وتفصيلا.
روسيا إذن تستبق الأحداث وتقلص بنسبة ضخمة، بحجة الصيانة ومنع قطع الغيار عنها من شركة “سيمنس” من تدفق الغاز لألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهي أهم الاقتصادات في دول الاتحاد الأوروبي وسقوطها سيؤدي إلى زوال الاتحاد الأوروبي واليورو وكل ما بني من سنوات خاصة وأن الاقتصاد الأوروبي يعيش في حالة انكماش لم يعرفها من نوفمبر 2008 في أزمة العقار الأمريكي.
هذا يبين ويشرح سبب زيارة الرباعي الفرنسي الإيطالي الروماني الألماني إلى كييف والهدف إقناع زيلينسكي بقبول التخلي عن الدونباس مقابل وقف الحرب، تماما كما أعلنها الداهية والعراب هنري كيسنجر ويطعن اليهود السطروسيون المسيطرين على البيت الأبيض حاليا في منتدى دافوس، مقابل منح أوكرانيا مقعد صفة المرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بعد 30 أو 40 سنة من الآن طبعا إذا بقي الاتحاد الأوروبي حيا.
بوريس جونسون ذهب خلفهم سرا ليفسد أي اتفاق، وهو يعمل على إفشال أي مسعى يأتي من الاتحاد الأوروبي الذي يطالبه بدفع حوالي 40 مليار يورو ديون اتفاق البريكسيت، بل جونسون يعمل أيضا على تشكيل كتلة دول تتشكل من بلدان البلطيق وشمال أوروبا تكون تباعة له ومناهضة للاتحاد الأوروبي وتعمل لإفشاله.
جونسون لا يريد انتصارا لروسيا ويعتبره كارثة للغرب، كما حرك مؤخرا حركة إخوان المسلمين في كل من ليبيا ووجه البعض منهم ضد السعودية ففتحوا ضدها حملة دعائيا تحت عنوان “الحج غير آمن” هذه الحرمة بدأت تعود للنشاط في الجزائر أيضا ضمن نفس التخطيط.ضربات بوتين ستكون قاسية على الغرب الاستعماري الذي سيبحث إعادة انتشار لنشاطه في دول أخرى أقل خطورة عليه ويجب الحذر كل الحذر من إعادة الانتشار هذه.
بروكسل/ لخضر فراط ــ صحفي معتمد لدى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي