وكأننا شاهدنا وعشنا ذلك من قبل. وأتحدث هنا عن خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أعلن فيه ليلة الإثنين عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة وخليفة بن لادن، المصري أيمن الظواهري في أفغانستان، الخطاب ذكرنا بالخطاب الذي ألقاه الرئيس الأسبق باراك أوباما في ماي 2011 عندما زف إلى العالم “بشرى” مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في باكستان، في الوقت الذي كانت فيه أمريكا منهمكة حتى لا أقول غارقة في فوضى ما أسمته بالربيع العربي، فقررت التخلص من زعيم الإرهابيين بن لادن حتى تتفرغ لموجة الانقلابات التي كانت تحركها في عدد من العواصم العربية.
وها هي أمريكا تلجأ من جديد لتحريك بعبع القاعدة التي كانت تلجأ إليها كلما تورطت في مأزق لتغطي عن هزائمها التي ألحقها بها بوتين في أوروبا. فماذا تريد واشنطن إخفاءه وتوجيه أنظار العالم بعيد عما يجري في أوكرانيا، الحرب القذرة التي تديرها أمريكا في منطقة البلقان كعادتها بالوكالة، وتوجه الرأي العام الأمريكي تحديدا من جديد إلى أفغانستان لتمنح نفسها انتصارات وهمية، وتوهم شعبها بأنها تقود حربا على الشر، بينما هي متورطة حتى الأذنين في حرب غير مباشرة مع روسيا، حيث يحقق رجل الكاجيبي السابق انتصارا تلو الآخر ضد أمريكا ويعري نظامها العالمي المفلس، فتعلن مقتل الظواهري على أنه نصرا في محاولة يائسة لترميم صورة أمريكا في العالم وفي أفغانستان تحديدا التي انسحبت منها رسميا السنة الماضية، تاركة البلاد غارقة في الفوضى لتسلم مقاليد الحكم إلى تنظيم طالبان الذي لا يقل إرهابا وعنفا عن القاعدة التي احتلت أفغانستان خريف 2001 لمحاربتها والقضاء عليها بعد أحداث 11/09. لكن مقتل الظواهري في كابل يؤكد أن أمريكا لم تنسحب من أفغانستان وأنها ما زالت تزرع الفوضى وترعاها هناك.
زعماء غربيون علّقوا على مقتل الظواهري على أنه انتصار سياسي لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدنالذي طالته حملة من الانتقادات غداة انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، وقالوا أن العالم اليوم أكثر أمانا، وكأن القاعدة هي وحدها من تشكل خطرا على أمن العالم وهي التي تم تحييدها من سنوات ولم تعد تشكل أي خطر يذكر، محاولين التغطية عن هزيمتهم في أوكرانيا، حيث لم تحقق العقوبات ضد روسيا أي نصر يذكر على الجيش الروسي، بل بالعكس، كانت نتائجها وخيمة على أوربا التي وجدت نفسها هي من تدفع ثمن العقوبات بوقف تدفق الغز الروسي إلى مواقدها، وارتفاع فاتورة الغذاء بسبب شل موانئ أوكرانيا ومنعها من تصدير القمح إلى العالم المهدد بمجاعة.
الحرب التي يقودها الغرب بالوكالة في أوكرانيا ضد روسيا ومن ورائها الصين، فتحت أعين العالم على الكثير من الحقائق، ولم تعد أكاذيب الإعلام الغربي قادرة على طمس حقيقة الصراع العالمي، ومن المستفيدون منه ومن يدفع الثمن!
حدة حزام