الشيخ بن باديس هذا الرمز العائد من بعيد …



...

سنحت لي الظروف اين حضيت بمشاهدة حصرية لفيلم بن باديس الذي يترقبه الجمهور الجزائري والعربي بشغف الفيلم من اخراج باسل الخطيب ، سيناريو وحوار رابح ظريف ، ومن انتاج المركز الجزائري لتطوير السينما وعاصمة قسنطينة للثقافة العربية 2015 وموسيقى تصويرية لسليم دادة ، تقاسم البطولة في هذا الفيلم كل من يوسف سحاير الذي تم ترشيحه بدور بن باديس وسارة لعلامة بدور [زوجة بن باديس ] سهيلة بدور جوهر معلم محمد زاوي [اب ابن باديس ] فاروق بوجملين والنجم حسان كشاش بدور ميرانت مدير مكتب الشؤون الاهلية الى جانب مجموعة اخرى من اشهر الممثلين الجزائريين .
على مدار نحو ساعتين من الزمن يرصد الفيلم مسيرة واحد وخمسين عاما من حياة أهم رجالات الاصلاح والسياسية في الجزائر وفي الوطن العربي ويتعلق الامر بشخصية الشيخ الامام عبدا لحميد بن باديس رائد النهضة الجزائرية المولود سنة 1889 والمتوفى سنة 1940
مع انه يبدو للوهلة الاولى يخيل ان الكتابة لا لتبدو سهلة المنال لإظهار كل الجوانب المتعلقة بهذه الشخصية المركبة فنيا وسرديا على الاقل ، إلا ان كاتب السيناريو رابح ظريف تمكن بأريحية ذكية من كتابة نص سينمائي قابل للتنفيذ ميكانيكا ، وبرؤية ومعالجة جديدة جنبت العمل منذ البداية التأكيد على انه موضوع غير مكرر وانه نص لا يكترث بالموضوعات السائدة والمألوفة حتى الان على شاشة السينما الجزائرية .
اذ بمجرد بداية الأحداث تغمرك كمشاهد انفعالات ومشاعر تدفعك الى اكتشاف حياة هذه الشخصية التي قدمها السيناريست رابح ظريف بصورة ذلك الشيخ الرمز العائد من بعيد اذ تتحرك مسارات النص السينمائي في أكثر من اتجاه ولكن بموازاة ظاهرة وربما كان المسار الانساني هو الركيزة الأساسية الاولى التي عول عليها كاتب السيناريو في نصه السينمائي. نص مختلف تماما لما الفناه وطبع جل أفلامنا الروائية السينمائية التي تتناول الشخصيات التاريخية. لاسيما في خصوصية وأصلية الحوار وتوافقه مع بيئة الفيلم والذي كان سمة بارزة في الفيلم سهلت تعاطي الممثلين معه بشكل رائع جدا. وبدت جل الشخصيات مقنعة وقريبة جدا من المتلقي ، سيناريو بدا محكم البناء دراميا على الرغم ان النص يتناول سيرة شخصية مركبة سينمائيا وبطريفة مميزة وذكية وبمعالجة درامية مقنعة عمد كاتب السيناريو والمخرج الا يتركا الملل يتسلل الى المشاهد على مدار مدة الفيلم المقدرة بساعتين من الزمن خشية تكرار المشاهد التي غالبا ما يقع فيها كتاب السيناريو في مثل هذه الافلام التوثيقة فقد جاء السرد اقرب منه للدراما ،اكتشف المشاهد من خلالها قوة شخصية عبدالحميد بن باديس وعالمه الخاص عبر لحظات ضعفه الانساني وتمزقه الوجداني وتقاطع خطوط حياته مع مجتمعه وأسرته وفرضت عليه ظروفه الزمانية والمكانية ان يحمل هموما اكبر من قدرة اي انسان ان يتحملها.
بمرافقة موسيقية اصلية الفها سليم دادة اثثت جملها لخلفية الفيلم واقتربت بصورة مذهلة من هذه الشخصية العظيمة وكانت أحد ركائز جماليات الفيلم ففي كل مشهد من الفيلم كان هناك تناغم وانسجام بين الصور والموسيقى التي حملت الكثير من الشجن و الأحاسيس ولعبت دورها كنص قائم بذاته ، هذه الاخيرة تم تسجيلها من طرف اوركسترا اذاعة صوفيا التي سجلت بها عديد الافلام الهوليودية.
وبجرأة غير معهودة متحديا بذلك الجانب الرسمي وفق السيناريست الى حد كبير بالسير بالقصة الى الامام متحاشيا الوقوع في القوالب الجاهزة والنمطية السردية على شاكلة البطولة الأسطورية وقداسة الاشخاص مع ان كل الظروف كانت متاحة وتعطي للسيناريست مادة خصبة وثرية للتعامل معه كبطل فرد ـ لكن الأمر مختلف مع هذا الفيلم الذي قدم بن باديس في حجمه الطبعي ليس إلا، بن باديس كنموذج إنساني يعبر عن روح شعب بأكمله، بإصرار كاتب النص على إظهار هذه الشخصية على طبيعتها طيلة الوقت، لم يكن ثمة ما يستعجل النص السينمائي فلا يوجد جانب من البطل بن باديس لم يكن ظاهرا او تحت المراقبة الذاتية وهو ما جنب الفيلم ربما الوقوع في خانة التوثيق من خلال محطات درامية قوية وشديدة الحزن ترتعد لها الفرائس .
توزعت المشاهد الرئيسية للفيلم بريتم مشوق وجريء في بعض الاحيان وعبر خطوط درامية تتقاطع بفواصل مشهدية سينمائية رائعة، مثل ذلك المشهد الذي تتعرض له عائلة الطفلة جوهر حينما تعتقل القوات الفرنسية اخوها [ طاهر ] ليجند اجباريا خلال الحرب العالمية الاولى، او في ذلك المشهد حينما تفجع جوهر بوفاة والدتها التي أجبرت حالتها والدها المثالي التزام البيت حتى وفاتها لخدمتها ،وبنفس المكان يتعاطف المشاهد في مشهد مؤثر اخر أكثر حزنا هو عندما يعود اخوها بعد 20 سنة معطوب حرب لا ناقة له فيها يتكأ على رجل حطبية ويسلمها القرط الثاني المماثل للقرط الذي سلمه اياها عندما كانت طفلة والذي لولاه لما تعرفت اليه، ليكون شاهد على نفس المشهد الذي عاشه منذ سنوات ولكن عنوانه هذه المرة الحرب العالمية الثانية . وربما كان هذا المشهد من المشاهد المؤثرة جداً التي لا تغادر ذاكرة المتلقي الى جانب مشاهد وصور جميلة ايضا حفل بها الفيلم وكسرت طابو الحديث عن عبدا لحميد الانسان فقد جاءت بعض المشاهد لتقدم بن باديس ينظرة واقعية خالية من سمات الملائكية وفي نفس الوقت غير ارستقراطية اكتشفنا من خلالها عبدا لحميد ابن باديس كإنسان ونموذج بشري بصورة بطل ،واعادت رسم صورة ناصعة لذلك الزوج والحبيب الذي لا يتحرج من الحديث بحميمية مع زوجته مشهد يبرز دور الزوجة كصوت وكذات نفسية واجتماعيه، اوفي مشهد صورة الاب الذي يتألم ويبكي بحرقة حينما يفقد ابنه على اثر سقوطه من صهوة الجواد لاسيما في لقطة مؤثرة جسدها مشهد احتضانه لقميص ابنه يشتم رائحته العطرة، ولا يتوانى بالاعتراف بتقصيره نحوه عندما لم يهتم به صغيرا، صور دعمت شخصية عبدا لحميد بن باديس المصلح ، حينما يتكفل بتعليم النشء واهتمامه بمستقبل المرأة رمزيا، من خلال المشهد الذي يتكفل من خلاله بن باديس بتعليم الطفلة جوهر التي اجبرتها الاوضاع الاجتماعية امتهان عمل جمع بقايا الاسلاك والحدائد، بالمقابل لا يتوانى الشيخ عبدا لحميد بن باديس بالوفاء للعهد الذي قطعه على نفسه وهو التضحية بكل غال ونفيس من اجل الهدف الاسمى كما يفهم من الخط الدرامي مثبتا ان المبدأ ثابت وغير خاضع لأي تأثير كيفما كان نوعه ،صورة تعكسها بوضوح شخصية جوهر التي نراها وهي تتحول من فتاة صغيرة معدمة، الى فتاة عامرة بالنشاط والآمل وبدت المشاهد التي تصور هذه الأحداث مذهلة بدورها وفي مشاهد اخرى تظهر الشيخ عبدا لحميد بن باديس في صورة السياسي المحنك حينما يقارع بذكائه الهادئ البوليس السري والحاكم العام وتصديه لكل المكائد والمصائد للعدول عن فكرة الاصلاح على الرغم من كل المساومات القذرة والمواقف الحرجة التي دبرت له و وضعته فيها دوائر الحكم العسكري، وتعاون كل الأجهزة الأمنية لقمعه وثنيه على مايقوم به، ولا اشد منها نفسيا حينما خيرته بين الاصلاح ومصالح العائلة ، كما لم يهمل الفيلم ان يرصد الصراع الفكري والنفسي مع موضوع الزوايا الذي عالجه بن باديس بحكمة فريدة ،مما اعطى للفيلم بعدا فنيا وسينمائيا فريدا فهو سيرة ذاتية وجماعية في الان نفسه، مثلما أرخ لابن باديس المصلح ورجل الدين وابن باديس الانسان فقد ابان تاريخ بلد في مقاومة دائمة للدخيل حينما يربط نضال ابن باديس بالأمير عبدالقادر والشيخ المقراني ، اوحين يتكلم باقتراب ثورة نوفمبر 54 بالاوراس و يشير الى ذلك صراحة في الفيلم.
وعن اداء الممثلين وجدنا انفسنا في الفيلم امام اداء جماعي لافت حققته المجموعة فقد كان أداء بعضهم باهرا متميزا جدا بداية بالممثل الرئيسي يوسف سحايري الذي يحمل في سجله كممثل متميز العديد من الافلام لاسيما الثورية منها والذي وفق في لبس عباءة شخصية بن باديس بكل تناقضاتها النفسية والاجتماعية والسياسية باقتدار وتحد، فيما نجحت الممثلة الموهوبة سارة لالامة في تقمص دور الزوجة المتفهمة والمحبة والمضحية في ان لشخص وهب نفسه الى مهمة اخرى اكثر جسامة ، كما نجح المخرج من تسليط الضوء على كاريزما الممثل الموهوب محمد زاوي الذي ابان عن موهبة كبيرة من خلال تعبيرات الوجه والإيماءات وهوا لذي ادى دور اب ابن باديس بوقار وبإبهار، كما لم يبخل النجم حسان كشاش الذي يؤدي كل الادوار بأن تكون له بصمته في هذا الفيلم بثوب ذلك الضابط الصارم الماكر، وما زاد في روعة الممثلين الجزائريين في هذا الفيلم هو عمليات التجميل والملابس اللافتة التي اسندت الى فريق ايراني مؤهل قدمت هولاء كلهم على اساس انهم نجوم من الصف الاول مثلما ظهر اغلبهم بشخصيات مغايرة كسرت الصورة النمطية الكلاسيكية التي كثيرا ما قتلت اجمل القصص في افلامنا نتيجة ضعف الشخصية وسطحية الحوار والأداء المتبتذل الذي لا يفرق بين الاداء المسرحي والتمثيل للسينما .
وبرؤية فنية اخراجية ثاقبة نفذت موهبة المخرج باسل الخطيب الى روح النص وخصوصية المجتمع الجزائري في فترة حرجة من تاريخه وفي مشاهد سينمائية ناجحة الى ابعد الحدود وهو المخرج الذي نجح من قبل بتقديم اعمال قيمة مثل مريم، والام ، وبلقيس وغيرها واظهر إمتلاكه لحس وقدرة جيدة في رصد المشاهد الحسّاسة من النص السينمائي واثبت انه يمتلك ورؤية فنية اخراجية أرتقت الى مستوى الموضوع الذي يعالجه الفيلم . كل ذلك تم عن طريق تنوع الكادر وزوايا الكاميرا بصور سينمائية أخاذة طبعت مجمل لقطات الفيلم وأخرى حرص على اظهارها بمشاهد كبيرة ومتوسطة رصدت ادق تفاصيل الاداء للشخصيات و اظهرت الديكورات التي زادت في جمالية الصورة مثلما حرص العمل باختياره لديكوات مدروسة تماما مشابهة لحقبة الفيلم تحاكي قسنطينة في ذلك الوقت بدرجة عالية إذ تم بناء بيوت الاهالي والأماكن التي كان يرتادها بن باديس بما في ذلك اختياره لديكورات واماكن مقرات الحاكم والبوليس السري الفرنسي بدت وكأنها ديكورات حقيقية بدرجة يشعر معها المشاهد بأنه يرجع إلى الوراء ليعش تلك الحقبة بكل جوارحه .

وجاءت نهاية الفيلم على نحو حاول فيه المخرج باسل الخطيب إضفاء صبغة إنسانية على كل ابطاله لاسيما الشيخ عبدالحميد بن باديس، من خلال مشاهد مثقلة بالماضي ولكن فيها نظرة واثقة في المستقبل والضمير وهو على سرير الموت يسلم روحه للسماء مرتاحا مبتسما حتى في لحظات موته الاخيرة وكأنّ بالمخرج يريد أن يوثق لحالة موت سرمدية بعد ان ادى الشيخ ما عليه وأكثر بصور فلاش باك متتالية اعادت روح بن باديس من جديد بصورة سينمائية رمزية ليرى جهوده الاصلاحية بعد سنوات قليلة من رحليه .
ومهما يكن من امر يمكن القول ان فيلم بن باديس فيلم جميل ومحترم وجدير بالمشاهدة و بل يمكن اعتباره إضافة للفيلم الروائي الطويل الجزائري ان لم يكن منعرجا للسينما الجزائرية فهو نقلة نوعية ليس في تاريخ السينما الجزائرية وحسب ولكن سيكون له تأثيره فنيا على السينما العربية ككل .

التدوينة الشيخ بن باديس هذا الرمز العائد من بعيد … ظهرت أولاً على الجزائر 24.


Photos droles d'animaux

Les 10 pays les plus chers au monde pour vivre

Quiconque envisage de voyager et de visiter de nouveaux pays, villes et civilisations, ou de s'installer dans un nouveau pays, et de commencer une vie différente de celle qu'il menait auparavant, devrait lire ce rapport avant de faire quoi que ce soit, car vous pourriez être choqué de connaître le coût de vie dans certains de ces pays très petits et moins connus du monde. Voici une liste des 10 pays les plus chers à vivre dans le monde, basée sur les frais d'hébergement et de subsistance d'une personne vivant dans la capitale de chaque pays, et selon la population.

Photos droles d'animaux

Tourisme: 10 villes moyennes pour s’évader en France

Voici une compilation de 10 villes moyennes pour s'évader en France.

Photos droles d'animaux

Les photos d'animaux les plus droles!

Voici une compilation de photos réelles d'animaux capturées dans des positions droles.

Tourisme: 7 pays que vous pouvez visiter cet été sous conditions

Tourisme: 7 pays que vous pouvez visiter cet été sous conditions

La vaccination contre le virus Corona (Covid-19) pourrait ouvrir les portes de voyages dans de nombreux pays cet été. Quels sont les pays les plus en vue qui ont annoncé l'ouverture de leurs portes aux touristes au cours de la période à venir?

Population du monde en 2100

Les 10 pays les plus peuplés du monde en 2100

Le Programme des Nations Unies pour le développement (PNUD) prédit dans son dernier rapport que la population mondiale en 2100 sera de 10,88 milliards. Les pays les plus peuplés du monde ne seront plus les mêmes qu’aujourd’hui.


إقرأ Comment citer une url en Latex?

مواقع أخرى