ليس فقط المحللون بل حتى شباب وسائط الاتصال الاجتماعي راحوا ينعتونه بأردوغان الجزائر وربما يعود ذلك الى التصرف الصارم ويبدو للبعض صادما تجاه من كانوا من "الانتوشابل" بالأمس القريب، لقد بدا هذا الرجل مفاجئا على أكثر من صعيد من خلال خطابه الجديد الذي لم يجامل فيه لا رئيس حكومته الأسبق سلال ولا رجاله المقربين من أمثال رجل الأعمال حداد أو الأمين العام للاتحاد العمال الجزائريين سيدي السعيد ، وظهر فعلا وكأنه أردوغان الجزائر وهو يلوح بالمطرقة بيد وبالسيف باليد الأخرى برغم أن تبون يعرف بالهدوء والليونة ، فما الذي يخفيه مثل هذا الظهور القوي المستعرض للقوة مباشرة بعد الترحيل المفاجئ لسلال الذي رمي به من الطابق الأكثر علوا ؟! يذهب البعض مخمّنا أن تبون هو مكلف بمهمة مثلما حدث مع سعداني عندما جاء لينزل طرقا على رأس الدياراس الرهيب وعلى رأس رئيسه المرهوب الجانب الجنرال توفيق، وحدث ما حدث ليرحل سعداني مباشرة بعد الانتهاء من المهمة لتبقى ساعة عودته إلى الواجهة مرتبطة بموعد خاص، ولكن ظهور تبون كان مختلفا عن ظهور سعداني، كونه أشد صرامة وأقل بهرجة وأحسن صورة على مستوى السمعة حتى وإن كانت لعنة الفساد تلاحقه وهي القضية المتعلقة بفضيحة الخليفة التي تورط فيها بحسب قرارات العدالة وتحقيقات أجهزة الأمن، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن من يقف خلف تبون ويمنحه كل هذه الثقة في النفس في مواجهة أباطرة الأنس؟ هل هي السلطة الحقيقية؟ على الأقل هذا ما تتناقله الأوساط السياسية العالمة ببواطن الأمور، والغاية من وراء ذلك أن الحلقة الضيقة المحيطة بالرئيس فهمت أنها لا يمكن أن تضع خليفة بوتفليقة بالاعتماد على وجوه أصبحت كريهة بتورطها المفضوح في الفساد وبتفضيلها حساباتها الشخصية على حساب الاخرين ومنهم حلقة الرئيس الضيقة، ويكون الاعتماد على تبون نوعا من التراجع عن اتخاذ هؤلاء المتعاونين الذين ظهروا أنهم في نهاية المطاف مجرد حلفاء سوء ليس إلا...بينما يعتقد آخرون أن محيط الرئيس يريد فعلا القيام بتغيرات حقيقية لكنه لا يجد الرجال الحقيقيين ولذا محاولته القيام بعملية تغيير حقيقية المراد منها بعث رسالة الى الرأي العام عن نية هذا المحيط في عقد خلف مع شركاء جديين للقضاء على الفساد والتحضير لمرحلة انتقالية، وهل هذا ممكن؟! الصراع الذي لا يقول اسمه صراحة خلق ما يسمى داخل النظام بحالة توازن الرعب ولذا كثر الكلام عن وجود الجزائر في مرحلة صعبة غير مسبوقة، ومن هنا يبقى التفكير غير الأناني ضرورة لتجاوز هذه اللحظة من اجل تحقيق النقلة التي طالما انتظرها الجزائريون منذ تعديل الستور الاول في عام 1989، هل سيفعلها النظام من أجل أن تتجدد الجزائر أم ستقود فتنة الأنانيات الى لحظة التبدد...؟!