يعبّر كل من دي زاد جوكر وأنس تينا وغيرهما من شباب الجزائر الذي اهتدى إلى وسائل عصره يحكي بها وجعه وتطلعاته، عن حالة وعي بالذات، أنهت الاعتقاد أنّ هذا الشباب (شاخ مبكرا) ولم يعد يصلح لشيء، اللهّم (احتساء) سيجارة حشيش!!. فرحانة أن الشباب الذي ظلت تحسدنا فيه (القارة العجوز)، لم يمت، وهو حي يرزق، يركب وسائل عصره التكنولوجية، لا البوطي وحده، للتعبير والتغيير، فتصير أدواته الجديدة، اليوتيوب والفايس بوك وتويتر، أكثر فاعلية وقوة من عشرات الأجهزة التي (شاخت)، تنفق عليها الدولة الملايير، ولا تفلح في (هزّ) شعرة واحدة في رؤوس العامة!. فرحانة أن شباب جامعة (الجزائر 3) من طلبة علوم الإعلام والاتصال، المضربون عن الدراسة، ضمنوا قائمة مطالبهم، تنديدا بغياب المراجع الحديثة من المكتبة الجامعية، وترهل مرافق التدريس، ولم يتوقفوا فقط عند الإطعام والنقل والمنحة. فرحانة أن هؤلاء (عرّوا) خطاب الوصاية، وقد وعد من هو على رأسها الآن، قبل سنة فقط، بتحسين ظروف الطالب، بل ويعترف أنّ الطلبة لا يأكلون جيّدا ولا يتوفرون على نقل لائق رغم حيازة الديوان الوطني للخدمات الجامعية على 100 مليار دج، أي ما يمثل 30% من ميزانية الدولة المخصصة للتعليم العالي!. فرحانة أن هؤلاء الشباب رموا بمطالبهم إلى شبكة (النت)، في انتظار أن يستقبلهم الوزير، علّه يجيبهم أين ذهبت أموال التعليم العالي، (ينام) عليها المفسدين ولا يستفيد منها الطلبة الذين صاروا يزاحمون الشباب غير المتعلم في ركوب زوارق الموت، ولا يبالون بعد ذلك إن (تمسّحوا) أو صاروا أشلاء في تفجير إرهابي في باريس أو لندن أو مدريد أو روما، أو (عبيدا) في حقول الفراولة أو (الزطلة)!!. فرحانة أن رسائل فيديو على اليوتيوب، يبعث بها شباب (يافع) من أحياء شعبية، تبحث عن (الحياة) الكريمة وكفى، تقوّض أركان أحزاب تعتقد أنها كبيرة، فتصيّرها أصغر من حبة خردل، في عز حملة انتخابية، فشل المنتخبون المحليون للأحزاب نفسها قبل ذلك، في تصليح (الطروطوارات) وتسيير (النفايات) وترميم (الحفر) وإصلاح عطب قناة صرف مياه متفجّرة!. فرحانة أن عشرات التجمعات التي نشطتها المولاة والمعارضة على حد سواء، (عرّت) كعادتها مستوى السياسيين عندنا، اللهم القلة القليلة، وعوض أن (تنعش) رغبة الناس في الذهاب مجددا إلى الصناديق، تصيبهم بالغثيان من (كمّ) الابتذال والتفاهة، ولأنهم (أي السياسيون) يعلمون أن وعودهم لم تعد (تُغْرِ) لجلب العامة، راحوا يوزعون ( السندويتشات) و(الزيغومار)، عساها تملأ القاعات التي خلت إلاّ من الانتهازيين!. (راني فرحانة) أن شخصا مثل فاروق قسنطيني ظل (يعلف) من ولائم السلطة، ولم يشبع، يصيَّر إلى كاذب ومفترِ، لأن بالون الاختبار الذي رمى به في سماء الجزائريين، أقلب الدنيا فوق رأسه، ورأسهم، ولم يقعدها. فرحانة أن خرجته تلك، سواء كانت (صدقا أو بهتانا) أثبت أنّ الشارع الجزائري لم يمت بعد، ومازالت الحياة تدبّ في بعض أطرافه، وإن لم يخرج إلى (الهواء الطلق) للتنديد بوجع ما أو حماقة ما أو مخطط ما، يفعل ذلك بوسائل بديلة حديثة (تفجّر) الشبكة، تغنيه عن كل منابر السلطة (التقليدية) التي شاخت!. فرحانة أن المستوى الذي طبع الحملة الانتخابية، لا فيديوهات الشباب (الحي) على اليوتيوب المنتقدة، هو من سيساهم في نفور العامة زيادة من الصناديق، بعدما صيّر المتنافسون على (بقايا الريع) الوطن إلى أضحوكة يتسلّى بها جياع إفريقيا، هؤلاء، أرغموا قبل ثلاثة أيام فقط، زعيما تاريخيا مثل (موغابي)، ظل ينعت بأب الاستقلال في زيمبابوي، على التنحي (رغم أنفه) وقد بلغ من الكِبَرِ عِتيَّا! يعلم العامة أن السياسيين، على رأسهم أولئك الذين ظلوا يكرسون خطاب التخوين، أي اتهام الإدارة المركزية بالتزوير في كل الانتخابات التي شهدتها البلاد منذ استقلالها إلى اليوم، بل وتصوير التزوير على أنه (قدر حتمي)، ثم يهرولون نحو المشاركة، هم الذين يساهمون كل مرة، مع سبق الإصرار والترصد، في تكريس القطيعة مع السلطة وأجهزتها، لا فيديوهات الشباب!!. فرحانة أن هؤلاء، أي السياسيون، لا يمكنهم بحال، أن يكونوا نماذج لـ(النقاء) الأخلاقي والسياسي، وفرحانة أن التغيير لن يكون على يدهم، بل على يد هؤلاء الشباب الذي يحكي (غربة) الداخل بكاميرا هاتف جوال مهترئ!.