كان لابد من زيارة رئيس غربي ليرفع الغبن على لبنان، وتسقط المملكة العربية السعودية وحليفاتها العقوبات التي فرضتها على لبنان، الذي لم تكفه الأزمة الاقتصادية وما خلفه انفجار المرفأ من خسائر أدت إلى تجويع الآلاف من شعبه الطيب المغلوب على أمره .
ها هو لبنان الذي مزقته الحرب الأهلية والصراعات الطائفية والسياسية، يرى بصيص من نور بعدما تدخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عند الملك سلمان وولي عهده محمد، لتعفو المملكة عن بلاد الأرز، بعد المقاطعة التي جرت وراءها الكويت وبلدان خليجية أخرى، بسبب تصريح لا راح ولا جاء من وزير الإعلام اللبناني الإعلامي جورج قرداحي، تصريح قاله قبل أن يتولى الوزارة حول حرب اليمن العبثية التي دمرت بلدا بأكمله وشردت الآلاف وجوّعت الملايين من أطفال ونساء ولا تزال منذ أزيد من ست سنوات حلبة للصراع الخليجي الإيراني.
هل اتخذت المملكة من لبنان وشعبه رهينة، حتى يرضى عليها رئيس غربي يأتي يفك الرهينة، بعدما ما قاطعها الغرب احتجاجا على الجريمة الشنعاء التي دبرها ابن سلمان ضد الصحفي جمال خاشقجي الذي تمت تصفيته داخل قنصلية المملكة في اسطنبول؟ أليس لبنان بلد عربي، يا من تحتجون على مشاركة الفرق الكروية من بلدان شمال إفريقيا التي كان يحلو لكم تسميتها بالمغرب العربي في كأس العرب بقطر ؟ أليس شعبه شعب عربي؟
فلماذا سلطتم عليه عقوبة قاسية وأوقفتم علاقاتكم التجارية والمساعدات بسبب تصريح يتيم ومارستم الضغط على رئيسه وحكومته التي ما كادت لتتشكل بسبب الخلافات المذهبية والضغوطات الخارجية ومنها ضغط المملكة عن طريق الطائفة السنية في حربها المعلنة على حزب الله والشيعة؟
كل يوم تسقطون درجات أسفل، وتؤكدون أن لا نخوة لكم ولا كرامة، فقبلها كان ولي عهدكم يسبّح بحمد ترامب الذي نهب منكم الملايير وأجبركم على القبول بإسرائيل صديقا لكم، واليوم مجرد أن جاءكم الرئيس الفرنسي الفاقد للشعبية في بلاده، يعرض عليكم سلعته الكاسدة، ويفك عنكم اللعنة التي أصابتكم بعد جريمة خاشقجي، لتعفوا عن لبنان وشعبه، ولكن ليس قبل أن تسقطوا رجلا خدمكم وسبّح لحمدكم في قنواتكم وتجبروه على الاستقالة من منصبه كوزير.
المثل الجزائري يقول “محقورتي يا جارتي”، محقورتي يا لبنان، ليس فقط بالعمل من عقود على إشعال الطائفية حتى صار البلد فريسة لكل القوى الخارجية، كل يملي عليه إملاءاته، ويشترط عليه الشروط القاسية مقابل مساعدات لا ترقى لفك أزمته.
الخير في ماكرون الذي هو الآخر استغل أزمة هذا البلد ليقوم بحملة رئاسية مسبقة، وهو من كان يهدد قادته بالعقوبات إن لم يتوصلوا لحلول تفك أزماتهم بتشكيل حكومة.
فهل كانت المملكة التي تفرض رأيها على بلدان الخليج أن تسمح بعودة العلاقات والمساعدات للبنان الذي يعاني أطفاله الجوع والبرد في هذا الشتاء القاسي؟ المضحك المبكي أن صبيكم الذي اختطفتموه من فترة وهو رئيس حكومة ولم تطلقوا سراحه إلا لما جاءكم ماكرون مهددا وحمله معه في حقائبه ما زال يدين لكم بالولاء ، ويسهر ألا تنطفئ نار الطائفية التي اشعلتموها في أوصال بلده، ويتجرأ ويرفض شحنة محروقات أرسلتها إيران مساعدة للبنان من أسابيع في عز أزمة البنزين والكهرباء التي عانت منها حتى المستشفيات؟ العيب ليس فيكم، بل في قادة لبنان لأنهم لم يفهموا بعد أن “المكسي بزرب الناس عريان” على حد المثل الشعبي الجزائري.
حدة حزام