شكرا لديبلوماسية الصمت التي تمارسها الجزائر، التقليد الموروث عن الثورة الجزائرية، فها هي تعطي ثمارها وتركّع رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز،الذي استغل منبر الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة ويرسل رسالة تودد إلى الجزائر، متراجعا عن مواقفه السابقة بشأن القضية الصحراوية، حيث قال إن بلاده تؤيد حلا سياسيا متفقا عليه من الطرفين في إطار ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قضية الصحراء الغربية”، متجنبا ذكر مسألة الحكم الذاتي، حيث قال أنه “لا يمكنه جر الصراعات من القرن الماضي”، متراجعا بذلك عن مواقفه السابقة المؤيدة للموقف المغربي وهو الموقف الذي دفعت بلاده الثمن غاليا مع الجزائر عندما ردت بحزم علىالموقف الإسباني بتجميد العمل بمعاهدة الصداقة والعلاقات التجارية مع إسبانيا، وهي الآن بصدد رفع سعر الغاز المصدر اليها.
أما عن ديبلوماسية الأعصاب الباردة التي تمارسها الجزائر هذه الأيام مع خصومها، فهي تشبه العلاقة بين القنفذ والثعبان، فالقنفذ هو الحيوان الوحيد الذي لا يخيفه سم الثعبان لأنه يقبض عليه بأسنانه ثم يدخل رأسه متحولا إلى كرة من الأشواك ويترك الثعبان يتخبط والأشواك تنغرز في جسمه ويبقى كذلك إلى أن يموت الثعبان، وهو بالفعل ما فعله الرئيس تبون مع كل من تجرأ وتطاول على الجزائر، وها هي الجزائر تحصد ثمار ديبلوماسية “التاغنانت” مع إسبانيا، وقبلها مع فرنسا، وستجني حتما ثمارها مع المغرب لاحقا، بعدما تراجعت إسبانيا عن مواقفها.
لا أدري إن كانت فرنسا هي الأخرى ستغير من مواقفها اتجاه القضية الصحراوية، خاصة وأن سفيرة فرنسا بالرباط غادرت من أيام إلى باريس في صمت، وإن كان دبلوماسي فرنسي التقيت به من أسابيع بعد زيارة ماكرون وسألته عن موقف هذا الأخير من القضية إياها خاصة وأن حديثا راج قبل الزيارة أن ماكرون سيلعب دور الوسيط بين الجزائر والرباط لبعث العلاقات بين الجارين، فكان رده أن هناك تغييرا في مواقف بعض الدول بالنسبة للقضية مثل إسبانيا وقبلها أمريكا التي اعترفت بمغربية الصحراء مقابل اعتراف المغرب بالكيان الصهيوني والطبيع معه، فالأمر لم يعد مطروحا، متناسيا أن القضية مدرجة في الهيئة الأممية كقضية تصفية استعمار.
والرسالة مرة أخرى موجهة إلى عملاء الداخل ممن كانوا يتشدقون ويستهزئون بالسياسة التي انتهجتها الجزائر في الآونة الأخيرة على أنها تعادي الجميع وأنها عزلت الجزائر في محيطها، فها هو الواقع يبين أن الجزائر كانت على حق، فهي لم تحقق فقط مكاسب سياسية، بل حققت مكاسب اقتصادية أيضا بفرضها منطقها في سوق الغاز الذي استعملته كورقة ضغط وقد نجحت في ذلك.
حدة حزام